Blog Details
Default Text
اين ذهبت اموالنا؟
استيقظ اللبنانيون منذ بضعة اشهر على ازمة تهدد جنى اعمارهم و تعب سنينهم. هذه الازمة المصرفية و المالية و الاقتصادية الفريدة من نوعها في العالم من جهة حجمها و نوعها ليست وليدة 17 تشرين الأول و لا ثورة اللبنانيين المجيدة٬ بل هي صنيعة سياسات مالية و اقتصادية وافقت عليها معظم القوى السياسية على مرور 30 استفحلت اخر هذه السنوات. هذه السياسات المبنية على تغطية الفشل من مكان الى اخر دمرت الاقتصاد اللبناني لدرجة انها بخّرت اموال الناس. كيف اختفت اموالنا؟ اين ذهبت؟ هل يمكن اعادتها؟
لا يختلف اثنان أن اموالنا ليست موجودة و ان كل المؤامرات التي حاكها البعض عن ان المصارف قادرة على اعطائنا اموالنا تلاشت امام وقع الكارثة. لنقم بجولة صغيرة:
ذهبت في يوم صيفي٬ الى البنك لتفتح حساب بعدما بعت ارضك الجبلية٬ فأودعت 100 الف دولار فيه على امل ان تأخذ فائدة بحدود 5%. اطمأنيت على اموالك و ان المصرف قادر على الوفاء بوعده باعادة اموالك في كل لحظة. وصلنا الى سنة ال2016 ٬ السنة المفصلية في تاريخ لبنان حيث ان الدولة كانت غير قادرة على دفع ديونها فطلبت من المصرف المركزي الرفع٬ حاك الحاكم الاوضاع في رأسه٬ فاما ان يفرط الوضع اما ان يدفع بالمشكلة الى الامام. فبدأ بعمل الهندسات المالية و هنا بدأ السطو على اموالكم.
بدأ مصرف لبنان يشتري الدولار من البنوك بفوائد خيالية وصلت الى ال25% و بدأ البنوك ببيعه من اموالكم فالبنك لا يضع الاموال في الخزنة بل يستثمرها و بدل ان يستثمرها في الاقتصاد استثمرها في الدولة المفلسة الفاسدة بفائدة مرابي. ارتفعت الفوائد على القروض و على الودائع٬ و اصبحت ال100 الف الدولار الموضوعة في البنك ذاك اليوم الصيفي تأتيك بفائدة اكبر وصلت الى 20% على المبالغ الكبيرة. لم تسأل من اين يأتي البنك بهذه الدولارات فأنت على ثقة انه قادر على "طباعة الدولار". تراكمت الفوائد في البنوك فطالبت المركزي باموالها و المركزي طالب الدولة و الدولة غارقة في الفساد فوقع المحظور و كبرت الهوّة و ضاعت الاموال. هنا يجب ان تعلم ان مدخول لبنان من العملة الصعبة هو من خلال المغتربين و هو غير ثابت لذا لم تقدر البنوك على الايفاء بوعودها الخيالية (الفوائد).
اين ذهبت هذه الاموال؟ يتكلم البعض ان الودائع الموجودة في لبنان وصلت الى 160 مليار دولار فأين ذهبت؟
اولا الدولة: ان فساد الدولة و هدرها للمال العام الذي انتج حوالي 80 مليار$ دين ٬ قسم منه من البنوك و الذي دُفع مراراً من اموالنا هو السبب الاول الذي اضاع جنى اعمارنا.
ثانياً مصرف لبنان: فالمركزي تدين من المصارف للدفاع عن الليرة و تمويل الدولة و يحدد تقرير شركة لازارد خسارة المصرف ب40 مليار$.
ثالثا البنوك: صدقوا ان البنوك خسرت اموال ففي الوقت التي كانت تدين مصرف لبنان كانت تعطي وعود كبيرة اي ان الكلفة زادت بشكل كبير. علما ان البنوك و في حين تراجع ارباحها زادت مردود المساهمين فيها.
هذه الثلاثية اضاعت اموالنا بشكل ممنهج ففي كل يوم كانت الدولة تفسد دولار واحد كانت تسحب هذه المنظومة حوالي ال0.8 $ من حسابات الناس عن طريق البنوك و المصرف المركزي طامعة الاولى بفوائد كبيرة متناسية المخاطر. اللآن ايمكننا استعادة امولنا؟
البعض يربط استعادتنا لأموالنا بالمال المنهوب و هذا امر صحيح و لكن ليس كاف. فاموال البنوك تفتقد للوجود الحسي اي الاوراق النقدية٬ لا اعتقد انه من الممكن استرداد اموالنا من المصارف في القريب حيث اننا بحاجة لضخ كمية كبيرة من الدولارات تقارب ال62 مليار$ في الاقتصاد للبدء بعملية الاستعادة و هذا امر غير ممكن في الةقت الحالي حيث ان المصدر الوحيد للأموال هو صندوق النقد و هو بحدود ال 10 مليار. لذا يجب اعادة علاقات لبنان الدولية و يجب تقديم الاصلاحات المطلوبة على كافة الصعد الادارية و المالية و الاقتصادية و المصرفية و تشجيع الصناعة اللبنانية التي ستكون مصدر ثابت للدولارات.
المسؤولون ثلاثة: السلطة المصرف المركزي البنوك٬ جميعهم يجب محاسبتهم و اصلاح المؤسسات فيهم. و الحل يبدأ بالشباب اللبناني و ابداعه و ابتكاره.